فصل: 247- هل يجوز أن يسمي نفسه بغير ما سماها؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (نسخة منقحة)



.247- هل يجوز أن يسمي نفسه بغير ما سماها؟

واختلفوا: هل كان يجوز أن يقلب الله تعالى اللغة فيسمي نفسه جاهلًا بدلًا من تسميته عالمًا؟
1- فجوز ذلك قوم.
2- وقال عباد: لا يجوز أن يقلب الله اللغة ولا يجوز أن يسمي نفسه بغير هذه الأسماء.
3- وكان الجبائي يزعم أن معنى القول: إن الله عالم معنى القول أنه عارف وأنه يدري الأشياء وكان يسميه عالمًا عارفًا داريًا وكان لا يسميه فهمًا ولا فقيهًا ولا موقنًا ولا مستبصرًا ولا مستبينًا: لأن الفهم والفقه هو استدراك العلم بالشيء بعد أن لم يكن الإنسان به عالمًا وكذلك قول القائل: أحسست بالشيء وفطنت له وشعرت به معناه هذا واليقين هو العلم بالشيء بعد الشك ومعنى العقل إنما هو المنع عنده وهو مأخوذ من عقال البعير وإنما سمي علمه عقلًا من هذا.
قال: فلما لم يجز أن يكون البارئ ممنوعًا لم يجز أن يكون عاقلًا وليس معنى عالم عنده معنى عاقل والاستبصار والتحقق هو العلم بعد الشك.
وكان يزعم أن البارئ يجد الأشياء بمعنى يعلمها.
وكان يزعم أن البارئ لم يزل عالمًا قادرًا حيًّا سميعًا بصيرًا ولا يقول لم يزل سامعًا مبصرًا ولا يقول لم يزل يسمع ويبصر ويدرك لأن ذلك يعدى إلى مسموع ومبصر ومدرك.
وكان يقول: إن الوصف لله بأنه سامع مبصر من صفات الذات وإن كان لا يقال لم يزل سامعًا مبصرًا كما أن وصفنا له بأنه عالم بأن زيدًا مخلوق من صفات الذات وإن كان لا يقال لم يزل عالمًا بأنه يخلق.
قال: وقد نقول سميع بمعنى يسمع الدعاء ومعناه يجيب الدعاء وهو من صفات الفعل.
وكان يقول: إن البارئ لم يزل رائيًا بمعنى لم يزل عالمًا ويقول يرى نفسه بمعنى يعلمها.
وكان يزعم أن البارئ لم يزل عالمًا ولا يقول: لم يزل رائيًا بمعنى لم يزل مدركًا والرائي عنده قد يكون بمعنى عالم وبمعنى مدرك وكذلك القول: بصير قد يكون عنده بمعنى عالم كالقول: فلان بصير بصناعته أي عالم بها فيقول البارئ لم يزل بصيرًا بمعنى لم يزل عالمًا ويقول لم يزل بصيرًا بمعنى يرى نفسه وأنه بخلاف ما لا يجوز أن يبصر ونكذب من زعم أنه أعمى وندل بهذا القول على أن المبصرات إذا كانت أبصرها فيلزمه أن يقول أن البارئ لم يزل مدركًا على هذا المعنى.
وكان يقول: إن البارئ لم يزل قويًا قاهرًا عالمًا مستوليًا مالكًا وكذلك القول بأنه متعال على معنى أنه منزه كقوله: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 63] وأنه لم يزل مالكًا سيدًا ربًا بمعنى أنه لم يزل قادرًا ولا يقول: إن البارئ رفيع شريف في الحقيقة لأن هذا مأخوذ من شرف المكان وارتفاعه فيلزمه أن لا يقول: إنه عال في الحقيقة لأن هذا مأخوذ من علو المكان.
وكان يزعم أن معنى عظيم وكبير وجليل أنه السيد ومعنى هذا أنه مالك مقتدر.
وكان يقول: إن البارئ جبار بمعنى أنه لا يلحقه قهر ولا يناله ذل ولا يغلبه شيء فهذا عنده قريب من معنى عزيز والوصف له بذلك من صفات النفس ويقول: في كريم ما قد شرحناه قبل هذا الموضع ويقول مجيد بمعنى عزيز ويقول لم يزل البارئ غنيًا بنفسه فأما القول كريم فقد يكون عنده من صفات النفس إذا كان بمعنى عزيز ويكون عنده من صفات الأفعال إذا كان بمعنى جواد والقول حكيم بمعنى عليم من صفات النفس عنده والقول حكيم من طريق الاشتقاق من فعله الحكمة من صفات الفعل والقول صمد بمعنى سيد من صفات الذات والقول صمد بمعنى أنه مصمود إليه لا من صفات الذات عنده وقد يكون عنده بمعنى أنه عين لا ينقسم ولا يتجزأ ويكون معنى واحد أنه لا شبه له ولا مثل- وكذلك يقول النجار في معنى واحد- ويكون بمعنى أنه لا شريك له في قدمه وإلهيته والقول: إله عنده معناه أنه لا تحق العبادة إلا له وهو من صفات الذات عنده ومعنى القول: الله أنه الإله فحذفت الهمزة الثانية فلزم إدغام إحدى اللامين في الأخرى ووجب أن يقال أنه الله.
وكان لا يقول: إن البارئ معنى لأن المعنى هو معنى الكلام وكان يقول أن البارئ لم يزل باقيًا في الحقيقة بنفسه لا ببقاء ومعنى أنه باق أنه كائن لا بحدوث وأنه لا يوصف البارئ بأنه لم يزل دائمًا لا يفنى بل يوصف بأنه لا يزال دائمًا لأن هذا مما يوصف به في المستقبل ويوصف بأنه لم يزل دائمًا لا إلى أول له كما يقال: لم يزل دائم الوجود أي لا أول لوجوده ومعنى قائم وقيوم أي دائم وهو من صفات الذات.
وكان ينكر قول من قال: إن معنى القديم أنه حي قادر وأن معنى سميع أنه يعلم الأصوات والكلام ومعنى بصير أنه يعلم المبصرات.
وكان يقول: لم يزل القديم أولًا ولا يزال آخرًا.
وكان يزعم أن الوصف هو الصفة وأن التسمية هي الاسم وهو قولنا: الله عالم قادر فإذا قيل له: تقول أن العلم صفة والقدرة صفة؟ قال: لم نثبت علمًا فنقول صفة أم لا ولا ثبتنا علمًا في الحقيقة فنقول قديم أو محدث أو هو الله أو غيره فإذا قيل له: القديم صفة؟ قال: خطأ لأن القديم هو الموصوف ولكن الصفة قولنا: الله وقولنا: القديم.
وكان يقول: إن الوصف لله بأنه مريد محب ودود راض ساخط غضبان موال معاد حليم رحمان رحيم راحم خالق رازق بارئ مصور محي مميت من صفات الفعل وأن كل ما يحب إلى القديم فيه أو وصف بضده أو بالقدرة على ضده فهو من صفات الفعل.
وكان يزعم أن الوصف لله بأنه متكلم أنه فعل الكلام.
وكان يزعم أن معنى الإرادة منه كمعنى الإرادة منا وهي محبته للشيء وكذلك الكراهة هي البغض للشيء وأن الرضى منه هو الرضى عنا ولعملنا ورضاه عنا لهذا العمل معنى واحد وهو أن نكون قد فعلنا ما لم يرد منا أكثر منه وهو كما قال مراده منا وكان يقول: إن غضبه هو سخطه وكان يفرق بين الإرادة والشهوة ولا يجوز الشهوة على البارئ وكان يزعم أن حلم الله- سبحانه- هو إمهاله لعباده وفعل النعم التي يضاد كونها كون الانتقام وهي صرف الانتقام عنهم وأنه لو يفعل ذلك لم يوصف بالحلم وكان لا يصف البارئ بالصبر والوقار والزراية وكان لا يزعم أن البارئ حنان لأنه إنما أخذ من الحنين. وكان يزعم أن البارئ محبل وأنه لا محبل للنساء في الحقيقة سواه فيلزمه والد في الحقيقة وأنه لا والد سواه.
وكان يقول: إن البارئ لا يزال خالدًا وأن الوصف له بذلك من صفات الذات ولا يقول: لم يزل خالدًا وكان مرة يقول: إن الأجسام إذا تقادم وجودها قيل لها قديمة في الحقيقة إلى غاية وأول ثم رجع عن ذلك.
وكان لا يزعم أن الإنسان باق في الحقيقة لأن الباقي هو الكائن لا بحدوث والإنسان كائن بحدوث.
وكان إذا قيل له: لم اختلفت المسميات والمسمى بها واحد والمعاني والمعنى بها واحد؟ ولم ليس معنى عالم معنى قادر؟ قال: لاختلاف المعلوم والمقدور لأم من المعلومات ما لا يجوز أن يوصف القادر بأنه قادر عليه وكذلك القول في سميع بصير اختلف القول فيهما لاختلاف المسموعات والمبصرات.
وكان يجيب أيضًا بأن الأسماء والصفات اختلفت لاختلاف الفوائد لأني إذا قلت: إن البارئ عالم أفدتك علمًا به ودللتك على معلومات وأكذبت من قال: إنه جاهل وأفدتك علمًا بأنه خلاف ما لا يجوز أن يعلم وإذا قلت قادر أفدتك علمًا به وأنه بخلاف ما لا يجوز أن يقدر وأكذبت من زعم أنه عاجز ودللت على مقدورات وإنما اختلفت الأسماء والصفات لاختلاف العلوم التي أفدتك لما قلت أنه عالم قادر حي سميع بصير.
وكان يقول: إن الوصف للبارئ بأنه سبوح قدوس من صفات النفس ومعنى ذلك تنزيه الله- سبحانه- عما جاز على عباده من ملامسة النساء ومن اتخاذ الصاحبة والأولاد وسائر الصفات التي لا تليق به. وكان يقول: معنى الوصف لله بأنه واحد وبأنه متوحد واحد وكذلك الوصف له بأنه جبار ومتجبر وكبير ومتكبر وزعم أنه لا يجوز أن يوصف البارئ بأنه فوق عباده على الحقيقة فإن وجدنا ذلك في صفات الله تعالى فهو مجاز وقد قال الله- سبحانه-: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] وأراد به القادر المستولي على العباد فجعل قوله فوق بدلًا من قوله مستعل.
قال: وقد نقول: فوق عباده في العلم والقدرة أي هو أعلم وأقدر منهم وهو توسع.
قال: وقد يوصف البارئ- سبحانه- بأنه قريب من الخلق توسعًا ومعنى ذلك أنه عالم بنا وبأعمالنا سامع القول من الخلق راء لأعمالهم وكذلك تقرب العباد بالطاعة إلى الله هذا مجاز.
وزعم أن البارئ لا يوصف بأنه متين لأن المتين في الحقيقة هو الثخين وإنما قال: المتين توسعًا وأراد أن يبالغ في وصفه بالقوة.
وزعم أنه لا يوصف بأنه شديد على الحقيقة على معنى قوي والقادر منا إنما يوصف بالشدة والجلد على التوسع لأن الجلد وشدة البدن ليسا من القدرة في شيء لأن ذلك بمعنى الصلابة والله- سبحانه- لا يجوز أن يوصف بالصلابة فإن وجدنا ذلك من صفات الله- سبحانه- فهو على المجاز.
وليس يجوز أن يوصف الله- سبحانه- بأنه شديد العقاب وما أشبه ذلك من صفات الأفعال لأن الشديد من صفات الأفعال إنما هي الأفعال وقول الله-عز وجل-: {أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15] مجاز معناه أنه أقدر منهم ولو لم يكن ذلك مجازًا لكانت قوته شديدة في الحقيقة وقوته في الحقيقة لا توصف بالشدة.
وكان يزعم أن البارئ مشاهد للأشياء بمعنى أنه راء لها وسامع لها فقيل له من معنى الرؤية والسمع أنه مشاهد على التوسع لأن المشاهد منا للشيء هو الذي يراه ويسمعه دون الغائب منا.
وكان يصف البارئ بأنه مطلع على العباد وأعمالهم توسعًا ومعنى ذلك عنده أنه عالم بهم وأعمالهم.
وكان يزعم أن الوصف لله بأنه غني أنه لا يصل إليه المنافع والمضار ولا يجوز عليه اللذات والسرور ولا الآلام والغموم ولا يحتاج إلى غيره.
وكان يزعم أن البارئ نور السموات والأرض توسعًا ومعنى ذلك أنه هادي أهل السموات والأرض وأنهم به يهتدون كما يهتدون بالنور والضياء وأنه لا يجوز أن نسميه نورًا على الحقيقة إذ لم يكن من جنس الأنوار لأنا لو سميناه بذلك وليس هو من جنسها لكانت التسمية له بذلك تلقيبًا إذ كان لا يستحق معنى الاسم ولا الاسم من جهة العقول واللغة ولو جاز ذلك لجاز أن يسمى بأنه جسم ومحدث وبأنه إنسان وإن لم يكن مستحقًا لهذه الأسماء ولا لمعانيها من جهة اللغة فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يسمى على جهة التلقيب.
وكان الحسين النجار يزعم أنه نور السموات والأرض بمعنى أنه هادي أهل السموات والأرض.
وكان الجبائي يزعم أن معنى وصف الله نفسه بأنه {السَّلامُ} [الحشر: 23] أنه المسلم الذي السلامة إنما تنال من قبله: وكذلك قوله بأن الله هو الحق إنما أراد أن عبادة الله هي الحق.
قال: وقد يجوز أيضًا أن يعني بقوله: {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [النور: 25] أن الله هو الباقي المحيي المميت المعاقب {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: 30] أراد بذلك أنه يبطل ويذهب ولا يملك لأحد ثوابًا ولا عقابًا.
وزعم أن الوصف لله بأنه مؤمن أنه آمن العباد من أن يأخذ أحدًا منهم بغير حق وأن معنى المهيمن أنه الأمين على الأشياء وأن الهاء التي في المهيمن بدلًا من الهمزة التي في الأمين وكذلك معنى قوله: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] معنى أمينًا عليه.
وكان يصف البارئ بأنه جواد ولا يصفه بأنه سخي لأن ذلك إنما أخذوه من قولهم أرض سخاوية أي لينة.
وكان يقول أن الوصف لله- سبحانه- بأنه غالب من صفات الذات ومعناه أنه قاهر مقتدر والوصف له بأنه طالب عنده من صفات الفعل ومعناه أنه يطلب من الظالم حق المظلوم وكان يزعم أن الوصف لله- سبحانه- بأنه راحم من صفات الفعل وأن معناه أنه منعم ناظر محسن.
ويزعم أن البارئ لا يوصف بالإشفاق على عباده لأن معناه الحذر وذلك أن ترك المريض للأغذية الردية إشفاقًا منها إنما هو لحذره من المرض ولا يجوز ذلك على الله.
وكان يزعم أن معنى الوصف لله بأنه لطيف قد يكون بمعنى منعم وقد يكون بمعنى أنه لطيف التدبير والصنع لأن تدبيره لا يعرفه العباد للطفه.
وكان لا يصف البارئ بأنه رفيق لأن الرفق في الأمور هو الاحتيال لإصلاحها ولإتمامها والتسبب إلى ذلك وزعم أن الله يوصف بأنه ناظر لعباده بمعنى أنه منعم عليهم ولا يوصف بذلك عنده بمعنى الرؤية لأن النظر في الحقيقة إلى الشيء ليس هو الرؤية وإنما هي تحديق العين وتقليبها نحو المرئي وكذلك الاستماع عنده للصوت غير السمع له وغير إدراكه وإنما هو الإصغاء إليه إذا كان سمعه وأدركه ولا يجوز أن يوصف البارئ عنده بالاستماع وكذلك النظر في الأمر ليقف الناظر على صحته أو بطلانه هو الفكر ولا يجوز الفكر على الله- سبحانه- ومعنى الوصف لله بالغفران عنده أنه غفور وأنه يستر على عباده ويحط عنهم عقاب ذنوبهم ولا يفضحهم والمغفر إنما سمي مغفرًا لأنه يستر رأس الإنسان ووجهه في الحرب.
وزعم أن الوصف لله بأنه شكور على جهة المجاز لأن الشكور في الحقيقة شكر النعمة التي للمشكور على الشاكر فلما كان مجازيًا للمطيعين على طاعاتهم جعل مجازاته إياهم على طاعاتهم شكرًا على التوسع إذ كان الشكر في الحقيقة هو الاعتراف بنعمة المنعم وليس الحمد عنده هو الشكر لأن الحمد ضد الذم والشكر ضد الكفر وزعم أن البارئ يوصف بأنه حميد ومعنى ذلك أنه محمود على نعمه وكان يزعم أن البارئ إذا فعل الصلاح لم يقل له صالح وإنما الصالح من صلح بالصلاح وكذلك قول غيره.
وكان لا يسمي الله بما فعل من الفضل فاضلًا لأنه إنما يفضل بذلك غيره وهو-عز وجل- مستغن عن الأفضال أن يفضل بها أو يشرف بها وإنما يشرف ويفضل بالأفضال من تفضل الله بها عليه وكذلك يقول غيره.
وكان يزعم أن الله خير بما فعل من الخير لأن من كثر منه الشر قيل له شرير وزعم أن الأمراض والأسقام ليست بشر في الحقيقة وإنما هي شر في المجاز وكذلك كان قوله في جهنم وكان يزعم أن جمع فاعل الشر أشرار وكان يقول أن عذاب جهنم ليس بخير ولا شر في الحقيقة لأن الخير هو النعمة وما للإنسان فيه منفعة والشر هو العبث والفساد وعذاب جهنم فليس بصلاح ولا فساد وليس برحمة ولا منفعة ولكنه عدل وحكمة.
وخالفه الإسكافي وغيره في ذلك فزعموا أن عذاب جهنم خير في الحقيقة ومنفعة وصلاح ورحمة بمعنى أنه نظر لعباده إذ كانوا بعذاب جهنم قد رهبوا من ارتكاب الكفر.
وأما أهل الإثبات فيقولون أن عذاب جهنم ضرر وبلاء وشر في الحقيقة وأن ذلك ليس بخير ولا صلاح ولا منفعة ولا رحمة ولا نظر.
وزعم عباد بن سليمان أن الله- سبحانه- لم يفعل شرًا بوجه من الوجوه ولم يقل: إن عذاب جهنم شر في الحقيقة ولا في المجاز وكذلك قوله في الأمراض والسقام وهو يعارض المعتزلة فيقول لهم: إذا قلتم أن البارئ فعل فعلًا هو شر على وجه من الوجوه فما أنكرتم من أن يكون شريرًا؟
248- هل يقال إن الله يضر أم لا يقال؟
واختلفوا هل يقال: إن الله يضر أم لا؟
1- فقال أهل الإثبات: أن الله ينفع المؤمنين ويضر الكافرين في الحقيقة في دنياهم وفي الآخرة في إتيانهم وأن كل ما فعله بهم فهو ضرر عليهم في الدين لأنه إنما فعله بهم ليكفروا وهم في ذلك فريقان:
فقال بعضهم: إن لله نعمًا على الكافرين في دنياهم كنحو المال وصحة البدن وأشباه ذلك.
وأبى ذلك بعضهم لأن كل ما فعله بالكفار إنما فعله بهم ليكفروا.
2- وقال الجبائي: إن الله لا يضر أحدًا في باب الدين ولكنه يضر أبدان الكفار بالعذاب في جهنم وبالآلام التي يعاقبهم بها.
3- وأنكر ذلك أكثر المعتزلة وقالوا: لا يجوز أن يضر الله أحدًا في الحقيقة كما لا يجوز أن يغر أحدًا في الحقيقة.